اساليب الجدل في القرآن الكريم

Abstract

يكشف هذا البحث عن الاساليب التي سارت عليها ايات الجدل في القران ، عنوانه ( اساليب الجدل في القران الكريم ) . الجدل بابسط تعريفاته : هو مقابلة الحجة بالحجة التي تحدث في المناظرات و المخاصمات الكلامية ، ولا يشترط في الحجج ان تكون صادقة فقد يسوقها اصحابها لغرض اقناع الخصوم كما كان يفعل بعض الفلاسفة ، فهؤلاء لا يبحثون عن الحقائق العلمية بقدر بحثهم عن وسائل الاقناع الا ان القسم الاخر منهم اتخذ الجدل طريقا يوصل الى المعرفة ، و من هنا تبرز اهمية الجدل بسبب اختلاف اراء الناس و معتقداتهم و افكارهم فهم بحاجة له في كل مكان و زمان ، و لهذا السبب درس في اكثر من علم و اكتسب اصحابه اكثر من تسمية ، فالجدل منهج و علم . فاذا كان الناس بحاجة اليه في كل الظروف فوجوده في القران الكريم اولى ، لان القران جاء ناسخا للديانات التي سبقته و ناسخا لكثير من الافكار و المعتقدات الشائعة الاخرى ، و لان تبليغ الدعوة الاسلامية و الدفاع عنها امر من الله – سبحانه و تعالى – على كل مسلم لذا ينبغي على المؤمنين الصادقين ان يتبعوا اساليب القران الكريم في الجدل التي تعددت بسبب تعدد عقول المخاطبين و ظروفهم و احوالهم و طبائع مجتمعاتهم و اختلاف مراكزهم السياسية و الاجتماعية ، فجاءت الحجج بما يلائم كلا منهم ، و هذا وجه اعجازي اخر من اوجه اعجاز القران الكريم ، فتراه تارة يستنبط حجة من تاريخ الامم السالفة ، و تارة يطلب ادلة من الخصوم ، و تارة اخرى يرد عليهم حجتهم بمنطقهم نفسه ، و قد ينزل بالخطاب الى مستوى الخصم فينتقل من الحجة غير المدركة بالحواس الى ما يدركه لافحامه ، وقد يرد حجج الخصوم لانتقاء واقعيتها، وقد يتحفظ على معاجلة الخصم بتحقيق التعجيز لحكمة يعلمها ، يتدرج مع الخصم بالاسئلة التي توصله الى التناقض لالزامه الحجة و هو ما يسمى بالجدل الصاعد ، وقد تكون حجج بعض الانبياء افعالا لدحض خصومهم ، و جاء في اساليب جدل القران طريقة التسليم ببغض مقدمات الخصم لانها لا تخدم حجته بل تخدم حجتك ، و قد يستدل بحجج اقوى من حجج الخصم ، و احيانا يستعمل التهديد و الوعيد ضد المعاندين و المكابرين ، و احيانا اخرى يستعمل الترغيب و اللين ، و قد يستعمل اسلوب المقارنة بين الحجتين ، و قد يقسم حجة الخصم على اقسام لابطال اقسامها ، و بذلك قطع السبيل على الخصوم بهذه الاساليب المتعددة ، فلم يبق لهم الا الايمان و التسليم او الاصرار على العزة بالاثم .