دور القوى السياسية في التأثير في الوعي الانتخابي: دراسة مقارنة بين المجتمعات العصرية والمجتمعات التقليدية.

Abstract

تعد الانتخابات مسألة بالغة الأهمية في المجتمعات الديمقراطية والمجتمعات الانتقالية التي بدأت بتطبيقها حديثاً على حد سواء، باعتبار أنها تمثل حجر الاساس للقوى السياسية في الوصول إلى السلطة وهو ما يدفع بهذه القوى إلى توظيف إمكاناتها وقدراتها من أجل تحقيق الفوز بهذه الانتخابات بالطرق التي يسمح بها الدستور والتي يقبلها عموم المجتمع المدني والسياسي في تلك الدول، على الرغم من إنَّ بعض الدول تشهد فيها الانتخابات صراعات سياسية أقل ما يقال عنها أنها تقترب من درجة الرغبة في الاستحواذ على الأصوات حتى وأن كان بطرق غير مشروعة أكثر مما هي منافسة ديمقراطية، وأن كانت هذه الحالة تشيع في دول لم تترسخ فيها بعد أصول الممارسة السياسية المحكمة والمنضبطة فإن هذا معيار استدلالي يؤشر إنَّ التداخل ما بين السلطات التشريعية والتنفيذية وضعف استقلالية السلطة القضائية في هذه الدول بسبب من عوامل شتى ترد إلى حداثة التجربة السياسية والصراع القائم ما بين الثقافة التقليدية والقيم المعاصرة التي تشجع على التنافس والتنوع السياسي هو ما يؤدي إلى إنَّ يكون النسق الانتخابي خاضع بدرجة كبيرة لتأثير الصراع السياسي الذي يقترب من درجة الصراع الصفري الأمر الذي يحرف العملية الانتخابية عن مسارها الصحيح، بحيث إنَّ الوعي الانتخابي، والذي يعد مرتكز العملية الانتخابية والمعيار الذي يتم المراهنة عليه لتقرير مدى نجاح أو فشل الانتخابات فضلاً عن أنه المقياس الذي يكشف مدى التطور الذي بلغته العملية الانتخابية بحد ذاتها من حيث أنه يبين نوعية الخيارات والتفضيلات السياسية التي ترشحت عن هذه العملية كنتيجة للوعي الانتخابي، نجد إنَّ هذا الوعي يبدو وكأنه ينساق وبشدة وراء هذا الصراع السياسي وهو ما يفضي إلى تشويه وحرف هذا الوعي واعادة تشكيله بالطريقة التي ترغب بها القوى السياسية من الناخب إنَّ ينظر ويحكم على المشهد السياسي وفقاً لمنظورها. وإن كانت القوى السياسية في الدول الديمقراطية المتقدمة تعمد إلى توظيف متغيرات اقتصادية تتمثل في إحداث انتعاش مؤقت أو توفير وظائف وفرص عمل بهدف التأثير في خيارات الناخب وتحديد أولوياته بغض النظر عن الآثار اللاحقة التي تتمثل بالإنكماش وإرتفاع التضخم، فإن القوى السياسية في المجتمعات التقليدية توظف أدواتها الخاصة والمتمثلة بالدين والعرق والطائفة لإعادة تشكيل الوعي السياسي والانتخابي للمواطن بما يتوافق مع تطلعات هذه القوى.