الحذف وأنماطه الفنية في كتاب الغرر والدرر للشريف المرتضى (ت436ه)

Abstract

تعدٌّ اللغة العربية من اللغات الحية، التي استطاعت ان تخط اسمها على مدى عقود موغلة في القدم حتى قيل أن أوّل من تكلم بالعربية هو نبي الله إسماعيل، فهي معين خصب؛ إذ احتوت ألفاظ القرآن الكريم، وكفى لها فخراً، فهي صاحبة المنزلة الفريدة في صياغة التراكيب والجمل ، وذات الأساليب القشيبة في فنون البلاغة جميعاً؛ ولهذا انمازت في بيانها(استعاراتها ومجازاتها وتشبيهاتها، وكناياتها ) ، وغيرها من الفنون حتى انجذبت إليها القلوب وهوت إليها العقول. ولم يفرق معظم الدارسين بين الحذف والاختصار ، ونرى أنّ أغلبهم قد أطلق عليهما مسمىً واحداً إلا أنّ الشريف المرتضى عقد باباً في كتابه فرّق فيهِ بينهما ، وأثبت أنّ الاختصار جزءٌ لا يتجزأ من الحذف ،مستشهداً بأبيات شعرية فالعلاقة بينهما علاقة الجزء بالكل وينقسم الحذف الذي ذكره المصنف في هذا الكتاب على ثلاثة أنماط ، وهي على التتالي الكمي : أ-الحذف النحوي ، ب- الحذف البلاغي ، ت- الحذف الصرفي . ويتمثل الحذف النحوي في أنواع عدة : أ-حذف المضاف اليهِ وإقامة الضمير المتصل محله ، ب- حذف تركيب أو أكثر ، ت - تتالي الحذف في جملتين فعليتين ، ث -حذف الاسم الموصول وصلته والاسم المجرور وإقامة الجار والمجرور محلهما . ج -حذف فعل الشرط وجوابه لوجود قرينة . ح - حذف المفعول بهِ والاسم المعطوف عليهِ تارةً والجملة الفعلية كاملةً تارةً أخرى . وقد تحذف ثلاث جمل فعلية متتالية من النص القرآني وهذا مرجعه الى التأويل وهو ما أشار إليه المصنف في سورة يوسف ، إذ لا يوجد بينها أي فاصل زمني ؛ لاستعمالهِ فاء العطف بين هذه الجمل المحذوفة ؛ وذلك سببه يعود الى سرعة تنامي الحدث في القصة ؛ مما يدعو المتلقي الى عدم استعمال أداة أخرى للعطف وهو يعضد رأي النحاة بهذه الأداة. ويحتوي الحذف البلاغي على : أ- حذف بعض الألفاظ وإقامة بعض آخر والغرض منه جمالي ؛ لجلب ذهن المتلقي للنص، ب- آخر يتمثل في تقديم وتأخير فعل الشرط ؛ بسبب ظهور مسوِّغ لهذا المحسِّن المعنوي ، فضلاً عن ذلك يرتبط هذا الصنف من الحذوف بالمجاز اللغوي الذي يعد من أنواع الأداء البياني . ويبدو الحذف الصرفي لدى السيد المرتضى في العلاقة بين الآية الكريمة من جانب والقراءة القرآنية من جانبٍ آخر ، وهذا الحذف لهُ علاقة بالجانب الصوتي للألفاظ ودلالاتها في داخل النص وذلك بوساطة الظواهر اللغوية التي تتصل بالإمالة، فضلاً عن حذف النون في الشاهد الشعري الذي ذكره المصنف ألذي يتعلّق بالضرورة الشعرية .