حقوق الإنسان وردع الجريمة في السُنة النبوية

Abstract

الحمد لله رب العالمين القائل )وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)((1) والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين القائل (بعثت بالحنيفية السمحة)(2) وعلى اله وصحبه اجمعين أما بعد :- فمن خلال البحث في المنهج النبوي لحقوق الانسان وردع الجريمة تبرز أهمية البحث في انه يلقي الضوء على طرق ومناهج الدفاع عن حقوق الانسان وماله من حقوق وما عليه من واجبات يلتزم بها . وعلى ضوء ما تقدم فقد تكون لنا مكاسب نحمي بها حقوقنا من الضياع والإهدار والتزامات يجب علينا أن نؤديها حتى نتمتع بهذه الحقوق . كذلك لابد من الاشارة الى ان المنهج النبوي الشريف كان له الدور البارز في ردع الجريمة والإرهاب لان أحكام الدين الاسلامي السامية نابعة من مصدر لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه لذلك أصبحت شريعتنا بمنهجها القويم صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان . ولذلك شرعت لنا حقوق فيما بيننا كأفراد وحقوقاً مشتركة تكفل أن لا يعتدي احدنا على الاخر وكذلك وضعت عقوبات مناسبة تكفل منع الاعتداء على أي فرد، قال تعالى: )تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)((3). إنه الدستور الاسلامي المستقيم والشريعة لم تقتصر على العبادات والاعتقادات انما كانت كذلك شريعة معاملات تضع حدودا وقيودا لعلاقة البشر بعضهم ببعض . إن فائدة الحقوق تتحقق بمدى التزام الاشخاص بها فإعلان حقوق الانسان العالمي وما جاء فيه من حقوق وحريات لم يكن بمثل الكمال الذي جاء به المنهج القرآني والمنهج النبوي الشريف إذا أنه نص على أعظم القيم والمبادئ والمثل . بل أنه وضع ميزان العدل بين الناس وتضمن تكفل تنفيذ العقوبات والأحكام الجنائية كي يضحى المجتمع الاسلامي مجتمع خير وتعاون كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . إن الانحراف عن الحق هو ظلم كبير ، لان الظلم وضع الشيء في غير موضعه والظلم قد يكون من ظواهر الانحراف عن الحق . وقد يكون الانحراف في المفاهيم الفكرية، أو في التطبيقات السلوكية والغالب في أصحاب الانحراف انهم لا يكونون مخلصين في طلب الحقيقة ، ويحاولون دائما أن يجسدوا في انحرافهم في السلوك فلسفة فكرية مزينة بالأصباغ والألوان الفكرية الخادعة ليبرروا بها انحرافهم . وهنا تبرز أهمية البحث في هذا الموضوع أذ يمكر بعض الماكرين ، ويتسرع بعض المنخدعين ، فينادون بالمساواة العامة بين الناس جميعا ، في كل أمور الحياة ويرون ان ذلك من العدل ، ومن أجل ذلك نبهت النصوص القرآنية والحديثية على ارتباط ميزان العدل بمقاييس الحق ، قال تعالى :) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)((4).وعلى مقاييس الحق وموازينه تتم عملية الوزن الصحيح الذي يظهر فيه وجه العدل . وعلى ضوء ما تقدم جاء بحثنا الذي أسميناه بـ (منهج السنة النبوية في حقوق الانسان وردع الجريمة ) .كي يسلط الضوء على المنهج النبوي القويم على تحقيق العدالة من خلال أنصاف المظلوم ومعاقبة الظالم . وقد اعتمت كثيرا في تخريج الاحاديث على الكتب الستة وهي ( صحيح البخاري، صحيح مسلم ، سنن الترمذي ، سنن النسائي ، سنن ابي داود ، سنن ابن ماجة ) كذلك تم الاعتماد في فك رموز الاحاديث على كتاب ( مفتاح كنوز السنة ) والذي وضعه باللغة الانكليزية د. أ. ي. فنسك ، ونقله الى اللغة العربية محمد فؤاد عبد الباقي. وكذلك اعتمدنا على المصادر الحديثة التي تتكلم عن الحقوق والواجبات وكذلك الجريمة وردعها. وقد قسمنا بحثنا الى ثلاث مباحث :- جاء المبحث الاول في التعريف عن الحق والجريمة واستعمال الكلمتين في السنة النبوية وقسمناها الى مطلبين : جاء المطلب الاول في تعريف الحق والمعاني المستخدمة فيها ، وجاء المطلب الثاني في تعريف الجريمة والمعاني المستخدمة فيها. أما المبحث الثاني فقد تكلمنا فيه عن الانحراف عن الحق واهم اقسامه وسبل اصلاحه في السنة النبوية وقسمناه الى مطلبين . وقد جاء المطلب الاول لنتكلم فيه عن الانحراف عن الحق في المفاهيم الفكرية . وجاء المطلب الثاني عن الانحراف عن الحق في التطبيقات السلوكية . ثم جاء المبحث الثالث لنبين فيه الجريمة وعلاقتها بالمفاهيم الاخرى وطرق ردعها . وقد قسمناه الى مطلبين جاء المطلب الاول عن علاقة الجريمة بالعنف والعدوان والإرهاب ، اما المطلب الثاني وقد تكلمنا فيه عن أهداف تطبيق الردع على المجرمين في السنة المطهرة . ثم ختمنا بحثنا بخاتمة بينا فيها اهم النتائج التي توصلنا اليها وأخيراً قائمة الهوامش وقائمة المصادر المعتمدة في بحثنا الموسوم بـ ( منهج السنة النبوية في حقوق الانسان وردع الجريمة ) . (4) سورة الشورى / اية 17 .