التصوف وأسباب ظهوره في العراق

Abstract

يمكن القول إن موضوع البحث له من الأهمية والخصوصية على المستويين الإقليمي والعالمي ، فالتصوف ومنذ ظهوره في العراق بأواخر القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي حتى يومنا هذا مازال يحظى بالأهمية وما يزال أفراد من مجتمعنا العراقي يحبون التسمي به وخوض تجاربه ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن تجاربه يشترك فيها أفراد من شعوب العالم المختلفة والمتنوعة الثقافات واللغات والانتماءات والبيئات ؛ وهو على كل حال لم يكن يوما حكرا على )) مجتمع معين أو مشتق عن دين بعينه بل هو مذهب من مذاهب المعرفة البشرية ومسلك من سلوك الإنسانية)). (1) التصوف ما هو إلا نزعة نفسية من النزعات الوجدانية الروحانية وليس فرقة مستقلة أو مذهب ، وقد بلغ التصوف ذروته عندما برز كظاهرة اجتماعية انتشرت بين أفراد المجتمع العراقي في العصر العباسي ، وقد حملت التجارب الصوفية في طياتها من بين ما حملت صور رائعة من الغايات الأخلاقية والمثل العليا السامية والنبيلة من خلال تذوقهم للعلاقة مع الخالق عز وجل ؛ وكان ابتداء ظهور التصوف ونشوءه أولا في العراق في العصر العباسي ومنه أنتقل إلى باقي الأمصار الإسلامية فبرز دوره في المجتمع الإسلامي عامة والعراقي خاصة كإحدى الحركات الروحية المهمة في التاريخ الإسلامي ، وهذا الأمر أثار عدة تساؤلات لعل من أبرزها سؤال عن العوامل والأسباب التي دفعت الفرد العراقي للنزوع نحو التصوف قبل غيره من أفراد المجتمع الإسلامي ؛ وهل جاء التصوف نتيجة المبالغة في التدين والتعبد ؟ أم إن للأمر علاقة بالظروف السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والصراعات الدموية التي عاشها العراق في وقت ظهوره ؟ وبقدر ما يتعلق الأمر بنشاط وحيوية المجتمع العراقي في العصر العباسي بتكامل تحديد الأطر والجوانب الحضارية فيه