Abstract:
يُعد المسعودي(346ه)المولود في حاضرة الدولة العباسية(بغداد) من طليعة فلاسفة العرب, عاش في وقت امتلكت فيه بغداد ناصية العلم بمراكزها العلمية الشاخصة, في مجالات المعرفة المختلفة، وقد قاده تطلعه للمزيد من المعرفة, والتفقّه في مجاله الى الانتقال بين البلدان, ثم استقر مطافه في الفسطاط. اختط المسعودي لنفسه منهجا قوامه توخّي الدقة العلمية, معتمداً أسلوب المعاينة والسؤال, ليرسخ بها قناعاته ونظره الفلسفي, ولم يكن للسياسة أثر في توجهاته, بل تحرر من التيارات السياسية, مما سمح له الاقدام على انتقاد ولاة الأمر من خلفاء بني العباس المعاصرين له. كذلك أمتاز المسعودي بعقلية تاريخية منظمة وحسٍّ نقديٍّ متمكن, وقد عرض للكثير من الموضوعات الفلسفية, في كتابيه التنبه و الأشراف و مروج الذهب و معادن الجوهر وتفرّد بمنهجه العلمي في نقد الأخبار التاريخية, إذ وضع قاعدة التزم بها في هذا المضمار, شكّلت قانونه الخاص, وبموجبه أقتصر على ارتضاء صنفين من تلك الأخبار, الأول منهما: ما تحدّث عن أُمور مثبتة الوجود حسّاً, والصنف الثاني: هي الأخبار المتواترة تواتراً قاطعاً للعذر.