تراجع مكانة بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى (1918-1934)

Abstract

عُرفت بريطانيا بالعظمى(Great British) والتي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس تلك المستعمرات التي شكلت قوة مضافة لقوتها، مما ساعد في بسط نفوذها على مساحات واسعة من العالم وعلى ما يقارب ربع سكان العالم في القرن التاسع عشر، في الوقت الذي دفع موقعها الجغرافي المسؤولين البريطانيين للاهتمام بالأسطول البحري الذي أصبح احد اقوى الأساطيل العالمية آنذاك. وكان للثورة الصناعية التي تفتقت وتطورت في بريطانيا ذات مردود عالمي واسع عليها . ظلت بريطانيا وعلى مدى عدة قرون تؤدي الدور الأهم ، والحاسم أحياناً في تقرير مصير معظم القضايا الدولية ، حتى بعد إنتشار الثورة الصناعية في معظم الأقطار الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، ما لبثت بريطانيا ان بدأت تفقد صدارتها الاقتصادية بعد ظهور دولة ألمانيا الحديثة عام 1871 واليابان في المدة نفسها، فضلاً عن التهديد الذي كانت تشكله روسيا القيصرية بإستمرار لمصالح البريطانية في الخليج العربي، إلا ان بريطانيا ظلت تحتفظ بموقع مميز في النشاط الاستعماري والتجارة الملاحة الدوليتين، حتى قيام الحرب العالمية الأولى، لتبدأ عملية العد العكسي، اذ سرعان ما جلبت تلك الحرب لبريطانيا من المآسي والويلات ما لم يكن في حسبان حكامها ، وهذا ما سيتم التعرف عليه من خلال صفحات بحثنا هذا . إن إنجاز بحث متكامل في ظل ظروف صعبة ومعقدة ، يأتي في مقدمتها صعوبة التنقل بين المكتبات للبحث عن المصادر ذات العلاقة ليس بالامر اليسير ، إلا ان ذلك لم يمنعنا من بذل المزيد من الجهد والمثابرة للحصول على عدد من المصادر المهمة التي تخدم أغراض البحث الذي قسم الى أربع موضوعات رئيسية تسبقها مقدمة وتتلوها خاتمة. تناول الموضوع الأول بريطانيا والحرب العالمية الأولى ، اذ تم التطرق فيه الى التغيرات السياسية والعسكرية التي عاشتها بريطانيا قبل الحرب وخلالها، واثرها في إضعاف نفوذ الشخصيات البريطانية ذات النهج الاستعماري الرأسمالي. إما الموضوع الثاني فقد كرس لبحث التطورات الاقتصادية في بريطانيا بعد الحرب العالمية الاولى وانعكاساتها على الجانبين الداخلي والخارجي . وخصص الموضوع الثالث للإشارة الى ملامح النظام السياسي البريطاني بعد الحرب العالمية الاولى وأثره في الساحة السياسية البريطانية. وتطرق الموضوع الرابع الى الازمة الاقتصادية العالمية لعام 1929 واثرها على بريطانيا حتى عام 1934. وفي الخاتمة حاولنا عرض اهم الاستنتاجات التي توصلنا إليها من خلال تقويم البحث. تطلب البحث الرجوع الى عدد من المصادر ذات العلاقة بالموضوع ، وشكلت المصادر الأجنبية المترجمة رافداً مهماً من روافد البحث يأتي في مقدمتها مُؤَلَف بيير رونوفن المعنون (تاريخ القرن العشرين1900-1948) ، ومُؤَلَف ا.ج.جرانت وهارولد تمبرلي المعنون (أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين1789-1950) ، ومُؤَلَف ر.بالم دات المعنون (أزمة بريطانيا الاستعمارية)، وقد تضمنت تلك المصادر معلومات واسعة عن التاريخ الأوروبي إستفاد منها الباحث بالشكل الذي يخدم موضوع البحث. واحتلت بعض المصادر العربية والتي لها علاقة بالموضوع حيزاً مهماً فيه ، إذ أسهمت في رسم الأبعاد الأساسية لبعض جوانب البحث ، منها مؤلف مكرم سعيد المعنون (الدولار يحكم بريطانيا) والذي تضمن معلومات قيمة، زاد من أهميتهِ إعتماد مؤلفه على جداول توضح التغيرات في دخل السكان والضرائب وعدد العمال ونسبة البطالة في بريطانيا خلال تلك الحقبة ، هذا فضلاً عن مصادر أخرى يمكن ملاحظتها في هوامش ومصادر البحث.