تمظهرات الندم عند شعراء العرب ما قبل الإسلام

Abstract

يحاول هذا البحث قراءة الفكر عند شعراء الجاهلية قبل الإسلام من خلال أشعارهم واستنطاق هذا الشعر، لمعرفة ما إذا كان الشاعر الجاهلي ساذجاً في تفكيره غير معمق في فهم مفردات الحوار من خلال تعامله مع بني جنسه، ولمعرفة ما إذا كان يعيد النظر في أفعاله وأقواله حيال الآخرين وهل كان يندم أو يزداد غياً وطغياناً ؛ وهل كان يبني نفسه من جديد أم انعدمت في روحه بذرة البناء وتنامت بذرة التعالي والجبروت ، من هنا أخذنا نماذج تستعيد هذه الحالة النفسية التي قد تنهار وتنهدم عند شاعر ما، وتعيد عافيتها وتستسلم بإرادة إلى القيم الإنسانية النبيلة عند شاعرٍ آخر، فيكون الشاعر وشعره موضع تقدير وقبول في تلك الأوساط القبلية التي لم يكن السيف وحده من يحسم الموقف بل كانت المبادرات الإنسانية هي الأخرى تثلم فلول السيف وتفصل في المنازعات لإيقاف تلك القعقعة ومثار النقع، وفي مبادرة (هرم بن سنان) التي خلدها زهير شعراً ما يترجم حالة سامية وقيمة إنسانية ظلت محكية في أجيال من المسلمين بما فيهم الخلفاء، ولقد لفت نظرنا موضوع (الندم) وهو بكر في بابه على الشعر الجاهلي، ويستحق بحثاً وتناولاً. لذا تبث هذه الأسطار تلك الزفرات من الندم التي صاغها الشاعر في رحلته الشعرية وهي زفرات تنمو وتخفت من شاعر إلى آخر في قوة البناء أو الاخفاق في ضوء ما يرسمه الوعي أو العرف الاجتماعي، وفي هذا الرسم وذلك حكمة تستحق التداول على الرغم من كر السنين ومرارة الحقب ، ليظل الموقف في دائرة الديمومة الاستمرارية في تراث عريق لا يعرف النضوب والخفوت، وهذا لعمري ما يحمل صفة الخلد في ذاكرة الزمان.