الإرهاب الأسري في منظور السُنة النبوية

Abstract

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.. إِنَّ مما شائع وانتشر بشكل ملحوظ في مجتمعاتنا، ظاهرة جديدة وخطيرة على حدٍ سواء، ألا وهي ظاهرة الإرهاب الأسري، التي انتشرت اليوم بشكل كبير، وهذا كله مدعاة للقلق، والتأمل والتفكير بقراءة جديدة للواقع الذي نعيشه وإيجاد الحلول المناسبة لهذه الظاهرة. فقد أثبتت دراسات أخيرة أقامتها بعض المؤسسات المعنية بهذا الخصوص عالمية وعربية، إِنَّ في الولايات المتحدة الأمريكية تشكل النساء حوالي (85%) من ضحايا الإرهاب الأسري، وفي فرنسا (95%)، وإِنَّ (53%) من نساء الأردن، و(90%) من نساء السودان يتعرضنَّ لهذا النوع من الإرهاب، وإِنَّ (9000) تسعة آلاف امرأة جزائرية في كل عام تراجع المستشفى لغرض العلاج من آثار الإرهاب الأسري. وإِنَّ هناك ما يتراوح بين (80-90%) من الأطفال في العالم يعانون من العقوبة البدنية في منازلهم، وإِنَّ ثلث هذه النسبة تواجه عقوبات بدنية قاسية، ناتجة عن استخدام أدوات مادية عنيفة للعقاب، وكل هذه أشكال للإرهاب في محيط الأسرة، ويحتل الزوج المرتبة الأولى؛ كونه المعتدي، ثم الأب أو الأخ الأكبر أو العم، وتحتل الزوجة المرتبة الأولى؛ كونها المعتدى عليها ثم الأبناء والبنات، ووقوعه من بعض أفراد الأسرة لا يعدو أنْ يكون أَمّا قصدًا مع سبق الإصرار والترصد، أو وهمًا ظنًا من فاعله أَنَّه داخل في الحق الشرعي من باب كونه تأديبًا. وبالجملة فإِنَّ هذه الأسباب وغيرها دعتنا للخوض في هذا الموضوع، علَّنا نقدم بعض الحلول المناسبة لهذه الظاهرة تكون مساهمة في الحدِّ منها. واقتضت طبيعة هذا البحث أنْ يتضمن على مقدمة ومبحثين وخاتمة، أَمّا المقدمة فذكرت فيها أهمية الموضوع وسبب البحث فيه، وتناولت في المبحث الأول: ماهية الإرهاب وحكمه، وأسبابه وآثاره وفيه مطلبان ذكرت في المطلب الأول: تعريف الإرهاب الأسري لغةً واصطلاحًا، وبينت الفرق بين الإرهاب الوارد ذكره في القُرآن والسُنة وبين الإرهاب المعاصر، وتكلمت في المطلب الثاني: عن حكمه وأسبابه وآثاره. أَمّا المبحث الثاني فقد خصصتهُ لأنواع الإرهاب الأسري والمعالجات النبوية له وفيه مطلبان، تناولت في المطلب الأول: الإرهاب المادي (الجسدي والجنسي والاقتصادي) وبينت صور كل نوع من هذه الأنواع ثم أعقبتها بالمعالجات النبوية لها، وتناولت في المطلب الثاني: الإرهاب المعنوي ثم بينت المعالجات النبوية له. ثم ختمت البحث بأهم النتائج التي توصلت إليها من خلاله، وأعقبتها بملحق للصور التي تبين بعض أشكال الإرهاب الأسري ضد النساء والأطفال. ولا أدعي أَنني استكملت جميع جوانب هذا البحث، ولكن حسبي أنني اجتهدت ولكل مجتهدٍ نصيب فإنْ أصبتُ فذلك بتوفيق الله تعالى وحده، وإنْ كانت الأخرى فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وآخر دعوانا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين وصلى الله وسلم على نبينا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.