ستراتيجية اختيار المكان واهميته في معركة بدر

Abstract

لعل من اهم ما يحدد مصائر الشعوب ومستقبلها ان لم يكن اهمها هي المعارك الفاصله والتي تلقي بتداعياتها على هذه الامم فتهوي ببعضها لتجعلها في مؤخرة الركب وترقى بأخرى لتكون طليعه الناس وفي مقدمتها، وهذه المعارك، لاهميتها فقد تهافتت عليها دوات المؤرخين و اقلامهم بالدراسه والتحليل و التمحيص والاستنتاج واخذت منهم مأخذآ وحيزآ من اهتمامهم ، ولاغرو، ذلك ان الجانب العسكري في حياة الامم له مابعده ...، ولو قلبنا صفحات معارك رسول الله()- وهو مايعنينا في هذه الدراسه- لرأينا كيف تجسد هذا المعنى في اول معركه فاصله لرسول الله() مع اعدائه عندما كان يناشد ربه بالحاح لينصره عليهم((اللهم ان تهلك هذه العصابة من اهل الأسلام لا تعبد في الأرضٍ)).(1) ثم أن هذه المعارك على أهميتها العظيمة وبرغم تأييد الله لهاولجندها الا أن قائدها رسول الله ()حرص أشد الحرص على الأخذ بأسباب الفوز والنجاح وكسب المعركة ،ولو أنا سلطنا الضوء على هذه المعارك وأبصرناها بنظرة مادية مجردة لرأينا كيف لعبت هذه ألأسباب دورا محوريا وستراتيجيا مهما في كسب المعركة ومن أهم هذه الأسباب التي أخذ رسول الله()بها في جل معاركه هو أختيار مكان المعركه، ومكانه وجيشه في مكان المعركه نفسها والتحكم في هذا المفصل المهم ــــ كما سنرى في أكثر هذه المعارك ــــ كدعامة رئيسية في كسب النزال ،سواء أكانت المعركة مباشرة كما في بدر وأحد وغيرها أو على شكل مجاميع صغيرةلأعتراض قافلة هنا أوهناك كما في الكمائن على طرق التجارة لقريش ـــ منفذ اتصالها بمدن الشام ـــ مما انعكس سلبا على اقتصادها ،ولقد ترجم سعد بن معاذ(*) هذا التهديد للأماكن التي تمر منها تجارة قريش بتهديد مباشر لأبي سفيان في حوار جمعهما في مكه وسعد بن معاذ يطوف بالبيت عندما أبصره ابو سفيان فقال له(( لا أراك تطوف بمكة اّمنا وقد اّويتم الصبأة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم ،اما والله لولا انك مع أبي صفوان ـــ أمية بن خلف ـــ ما رجعت الى اهلك سالما ،فقال له سعد،ورفع صوته عليه:اما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه ، طريقك على المدينه)).(2) ولقد كانت ستراتيجية الرسول ()الأساسية والمهمة بعد هجرته الى المدينه تنصب جلها في اعتراض عير قريش الآتية والذاهبه من والى بلاد الشام مما يبرز أهمية المكان الذي يسره الله لنبيه للهجرة في اعتراض اعدائه وكان نقطة ضعف حقيقية لمشركي مكة والذين دأبوا على السفر لأغراض التجارة حتى غدت تلك التجارة جزء لا يتجزء من كسب قوتهم لا يستطيعون الأستغناء عنها ،وحتى صار هذا الأعتراض للقوافل يشكل ضعفا اضطراديا للمشركين مع مرور الزمن مما أثر مع تقادم الأيام والشهور في اختلال موازين القوى بينهم وبين المسلمين اصحاب الدولة الناشئة في المدينة ، ولا ريب في ان اختيار المكان وأهميته في كسب المعركة هو السبب الأهم الذي جعل هذه الدراسة تتكفل في ابراز حيثيات هذا الجانب حصرا وتداعيات الأخذ به كستراتيجية عسكرية وعبقرية نمتّ عن وعي عال وملكة قيادة نادرة اثمرت قطافا عظيمة ، ولقد حرصت هذه الدراسة على الألمام قدر المستطاع بتأثير هذه الخصيصة وما تعنيه من طوبغرافية مؤثرة بصورة مباشرة أو غير مباشرة على نتائج هذه المعارك ، بيد أن رسول الله(( كان يدأب باستمرار على الأخذ بأّراء مستشاريه وصحابته ويصغي لهم بصدد اختيار مكانه وجيشه على أرض المعركة في أحلك المواقف واكثرها شدة برغم تأييد السماء له ،ولقد علم الله سبحانه نبيه () وجنده معه ان الأخذ بالأسباب ـــ ومنها اختيار المكان ـــ مهم في حسم المعركة وان مخالفتهم بعض الأحيان في ذلك قد اودت بهم ، ولقد سجل القرءان الكريم بعض مواقع المعارك التي دارت رحاها بين المسلمين واعدائهم كشاهد صارخ لاهمية المكان ،ثم ان اختيار الباحث وقع على هذا الموضوع من ضمن فترة تاريخية مشبعة بالبحث في اكثر المجالات الا ان هذه الدراسة رأت ان اهمية المكان يمكن ان يجد طريقه وسط الفترة المتخمة بالبحث وهذا بحد ذاته عبد لها طريقا لمهمة الاتيان بالجديد وسط تكرار يكاد يمل منه الباحث والقارئ على حد سواء . لذلك كانت الدراسة وكان الاختيار .